موسى مرزوقي
على إثر شكايات عدد من الأشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ومن خلال بعض الأبحاث السطحية تبين أن ما يقع ببعض الجامعات الرياضية بالمغرب يضع علامات استفهام كثيرة تجعل كل متتبع غيور يأسف لما آلت إليه من تدن وسوء تصرف وتدبير ، ويكون الهدف الوحيد والأوحد لكل الرؤساء المحتكرين لهذه الجامعات هو حصد مبالغ طائلة بطرق كثيرة مشكوك في أمرها ليتسنى (لكل من تذوق طعم المال السائب ) استغلال الوضع للرفع من مستواه المعيشي والالتحاق بالعالم الارستقراطي والابتعاد عن الأوضاع المادية المزرية والقاسية التي نشأ وترعرع فيها ، عوض أن تصرف هذه الأموال الطائلة فعلا على حاجيات هذه الجامعات وتوفير الظروف المواتية للأبطال باحتضانهم وتحفيزهم وتشجيعهم على الإبداع وحصد الميداليات ، والسير بقطار المنظومة الرياضية إلى الأمام ، وتمثيل البلاد أحسن تمثيل في المحافل الإقليمية والدولية ، بدل أن تلفظ بهم هذه الجامعات في مصير قد يوذي بحياتهم ويجعلهم عرضة للعديد من الدوامات تبقى رهينة للحيرة وعلامات الاستفهام اللامتناهية…
لقد أصبح الوضع ملحا بتدخل السيد حسن عبيابة وزير الثقافة والشباب والرياضة ، وكذلك السيد إدريس جطو بصفته رئيس المجلس الأعلى للحسابات و…للوقوف على الاختلاسات التي طالت هذه الجامعات وجعلت رؤساءها ومساعديهم يصاورنا الشك في اغتنائهم بسرعة البرق متشبتين أيما تشبت بكراسيهم مستبيحين كل الاسلحة الضامنة لذلك ، فمنهم من يستغل منصبه الوظيفي ومنهم من يستغل معارفه النافذين ، حسبما جاء في العديد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي منذ مدة ، ولم تحظ قط باهتمام المسؤولين ، الذين سيجرهم استمرار هذا الوضع إلى المساءلة في يوم من الأيام ، بصفتهم متواطئين بسكوتهم عن هذه الخروقات الكبيرة والفساد المستفحل الذي يحيلنا على إمكانية وصفه بالمقصود والممنهج في حق الرياضيين والرياضة المغربية ، مما قد يصنفه في خانة الخيانة العظمى للوطن باستغلال النفوذ وتبذير المال العام وتبديده ، الأمر الذي أخذته وزارتا الداخلية والعدل في الأيام الأخيرة على محمل الجد في حق مسؤولين مغاربة تختلف مهامهم ومشاربهم وصفاتهم من رؤساء مجالس جماعية ومستشارين وبرلمانيين وممثلي السلطة الترابية ومسؤولين كبار من أمنيين ، دركيين ، قضاة ومحامين وغيرهم ، ممن ثبت في حقهم الإخلال بالعمل وسوء التدبير وعدم التحلي بالواجب وتحمل المسؤولية واستعمالهم للشطط في استغلال النفوذ والسلطة…
والغريب في الأمر ، أن أكثر القائمين على الشأن الرياضي بهذه الجامعات قد تجاوز العقدين أو الثلاثة على توليه منصبه ويفكر في توريثه لأحد أبنائه وأحفاده ، مكشرا عن أنيابه في وجه كل من حاول خرق هذه القوانين، الأحادية الجانب التي يفرضها ، أو يقف بالند له.
لم لا؟ وقد بادرت إحدى الجامعات الرياضية المغربية بتنظيم تدريب واحد فقط خلال برنامجها السنوي الذي حضره حوالي ألف مشارك مقابل مبلغ مالي حدد أدناه في ألف درهم لكل مشارك، فالأمر مغر جدا !!!
وهذا مثل بسيط يعلل تمسك هؤلاء الرؤساء بمناصبهم ولو بمخالفتهم لكل القوانين المنظمة وعلى رأسها الترشح للمرة الثالثة على التوالي وضرورة إشراك كل الجمعيات المنضوية تحت لوائها خلال الجموع العامة التي تنظمها والتي تمر كالسراب وتقتصر فقط على حضور رؤساء العصب الذين يتم حتما تعيينهم حسب طاعتهم وولائهم لمن عينهم ( إلا من رحم ربك).
صدق أو لا تصدق ، هناك بعض الجامعات التي أصبحت تسمى باسم رئيسها عوض اسم الرياضة التي تمارس بها ، ويقولون “جامعة فلان” عوض الجامعة الملكية المغربية لرياضة كذا…أو كذا…
أي نعم ، وللأسف الشديد فقد وصل الوضع إلى هذا المستوى الكارثي في غياب أية آلية للمراقبة الصارمة والجادة والفعالة لإيقاف هذه التصرفات اللامشروعة واللامسؤولة التي ميعت المنظومة الرياضية ونسفت بمصداقيتها ، للضرب بيد من حديد على كل مستهتر بالقانون ومخل بنظام الجامعات الرياضية ، حتى تتأتى ثقافة الثقة والمصداقية لدى المهتمين بإتاحة الفرصة لكل الممارسين الرياضيين ببلدنا الحبيب ، عوض البحث عنها خارج أرض الوطن بسبب الإقصاء الممنهج في حقهم . الأمثلة عديدة ومتنوعة في تخلي شبابنا على تمثيل البلد الأم في تظاهرات رياضية دولية وقارية ليوثروا بلدان أجنبية بهذا الشرف لما توفره لهم من أجواء وظروف نفسية ومادية ملائمة لتمثيلها أحسن تمثيل .
وهذا إذن ، إن دل على شيء ، فإنما يدل ويؤكد على ضرورة إعادة النظر في هذا الواقع المؤلم والمرير الذي سئم منه جل الرياضيين المغاربة وأيضا المتتبعين للعديد من الرياضات كجمهور ومحللين … إن لم نقل كلهم ، التي يجدون فيها( الرياضة ) متنفسا لهم ويعقدون عليها أمالا كبيرة في الرفع من مستوى منظومتها والارتقاء بها وجعلها وسيلة تساهم في استقطاب المزيد من الشباب ، حتى لا يلجأوا إلى هوايات أخرى سلبية وينشغلوا بها ، كالقمار مثلا والمخدرات والتفاهات و… فينغمسون فيها ويضيعون في متاهاتها ، وتضيع أعمدة وركائز مستقبل البلاد التي يعول عليها في حمل مشعل المسؤولية واستشراف غد مزهر ومشرق يليق بتطلعات الشعب المغربي وتطلعات قائده الملك محمد السادس الذي ينادي بضرورة إصلاح المنظومة الرياضية بكل جامعاتها الملكية وغير ذلك من المؤسسات والفرق الرياضية ، التي بادر إلى تقديم الدعم الشخصي لها ماديا ومعنويا ، موازاة مع إصدار أوامره السامية في فرص متعددة ، للرفع من مستوى الرياضة والرياضيين بالمغرب .
لهذا بات من الضروري تطبيق كل أوامر الملك الرامية إلى خدمة هذا المجال الحيوي وتفعيل كل مقتضيات أوامره السامية لإنزالها إلى أرض الواقع لترتيب البيت الرياضي وإنقاذه … ولنا عودة في الموضوع.